دخول
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 53 بتاريخ الجمعة 09 فبراير 2024, 13:21
المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
IKRAM | ||||
AlgeriaB10 | ||||
AMIRA | ||||
رغد | ||||
مرجانة الجنة | ||||
غصن البان | ||||
fatma lyle | ||||
الشهاب المضيىء | ||||
Admin | ||||
faycel |
مرحبا
فضل ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
فضل ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها
مِن
مُعتَقَدِ أَهلِ السُّنَّة والجَمَاعَة في صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه
وسلم أَن نُحِبَّهم، وَلا نُبغِضَ أَحَدًا مِنهُم، وأَن نُمسِكَ عَمَّا شَجَرَ
بَينَهُم، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا
مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ
سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا
رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم﴾
[الحشر:10].
عن عُروَةَ
بنِ الزُّبَير رضي الله عنه قَال: قَالَت لِي عَائِشَة رضي الله عنها: يَا ابنَ
أُختِي! أُمِرُوا أَن يَستَغفِرُوا لأَصحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
فَسَبُّوهُم([1]).
وقال
الإِمَامُ القُرطبيُّ المالِكيُّ رحمه الله (ت: 671هـ): «هذِه الآيَة دَليلٌ علَى
وُجُوب محبَّة الصَّحَابَة؛ لأَنَّه جَعَل لِمَن بعدَهُم حَظًّا في الفَيءِ مَا
أَقامُوا عَلَى محبَّتِهم ومُوَالاتِهِم وَالاِستِغفَار لَهُم، وأَنَّ مَن سَبَّهم،
أَو وَاحِدًا مِنهُم، أَو اعتَقَد فِيه شَرًّا أَنَّه لا حَقَّ لَه في الفَيءِ،
رُوِيَ ذَلِك عَن مالِكٍ وَغَيرِه، قَال مَالِك: مَن كَانَ يُبغِضُ أَحَدًا مِن
أَصحَابِ مُحَمَّدٍ ح أَو كَانَ في قَلبِهِ عَلَيهِم غِلٌّ، فَلَيسَ لَهُ حَقٌّ في
فَيءِ المُسلِمِين، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا
مِن بَعْدِهِمْ﴾
الآيَةَ»([2]).
وعَن سَعدِ
بنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: النَّاسُ عَلَى ثَلاثِ مَنَازِلَ؛ فَمَضَت
مِنهُمُ اثنَتَانِ، وَبَقِيَت وَاحِدَةٌ، فَأَحسَنُ مَا أَنتُم كَائِنُونَ عَلَيهِ
أَن تَكُونُوا بهَذِهِ المَنزِلَةِ الَّتِي بَقِيَت، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿
لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ
وَأَمْوَالِهِمْ﴾ الآيَةَ
[الحشر:8]، ثمَّ قَال: هَؤلاءِ المُهَاجِرُون، وَهَذِه مَنزِلَةٌ وَقَد مَضَت،
ثُمَّ قَرَأ: ﴿
وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ الآيَةَ
[الحشر:9]، ثمَّ قَال: هَؤلاءِ الأَنصَارُ، وَهَذِه مَنزِلَةٌ وَقَد مَضَت، ثمَّ
قَرَأ: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا
مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ
سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ﴾
[الحشر:10]، قالَ: فَقَد مَضَت هَاتَانِ المَنزِلَتَانِ، وَبَقِيَت هَذِهِ
المَنزِلَةُ، فَأَحسَنُ مَا أَنتُم كَائِنُونَ عَلَيهِ أَن تَكُونُوا بهَذِه
المَنزِلَةِ الَّتِي بَقِيَت([3]).
وقال
الإمام أبو جَعفَر الطَّحاويُّ رحمه الله (ت: 321هـ) ـ وَهُو يَتَكلَّمُ عَن
الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم ـ: «وَحُبُّهُم دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحسَانٌ،
وَبُغضُهُم كُفرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغيَانٌ([4])»، فحبُّهم
إيمانٌ: لأنَّه امتثالٌ لأمر الله عز وجل، وأمر رسوله صلى الله عليه
وسلم.
وقال
الإِمَامُ عبدُ الله بنُ أَبي زَيدٍ القَيرَوَانِيُّ المالِكيُّ رحمه الله (ت:
386هـ): «وَلا يُذكَرُ أَحَدٌ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
إِلاَّ بأَحسَنِ الذِّكرِ، وَالإِمسَاكُ عَمَّا شَجَرَ بَينَهُم، وَأَنَّهُم
أَحَقُّ النَّاسِ أَن يُلتَمَسَ لَهُمُ المَخَارِجُ، وَيُظَنَّ بهُم أَحسَنُ
المَذَاهِبِ([5])».
فإذا
تقرَّر هذَا عَقِيدَةً؛ فالوَاجِب عَلى كُلِّ مَن أَرَاد النَّجَاة في الدَّارَينِ
أَن يَسلُكَ سَبيل سَلَفِه الصَّالِح في الاِعتِقَاد، وَالعَمَل، وليَجتَهِد في
نَشرِ هَذِه العَقِيدَة الطَّيِّبة ـ في صَحَابَة رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
ـ في أَهلِهِ ومُجتَمَعِه، كَمَا اجتَهَدَ الرَّوَافِضُ في سَبِّ([6])
الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَالحَطِّ مِنهُم، بَل أَكثَر!!
وكلُّ
عاقلٍ يَعلَمُ أنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها ([7])، وجميعَ
أزواجِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أمَّهاتِ المؤمِنين، فضَّلهُنَّ الله عز
وجلَّ برسُولِه صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: ﴿
النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ
أُمَّهَاتُهُمْ﴾
[الأحزاب:6].
قال
القرطبي رحمه الله: «شَرَّفَ اللهُ تَعَالَى أَزوَاجَ نَبيِّهِ صلى الله عليه وسلم
بِأَن جَعَلَهُنَّ أُمَّهَاتِ المُؤمِنِينَ، أَي: في وُجُوبِ التَّعظِيمِ
وَالمَبَرَّةِ وَالإجلالِ، وَحُرمَةِ النِّكَاحِ عَلَى الرِّجَالِ، وَحَجْبهِنَّ ـ
رَضِي اللهُ تَعَالَى عَنهُنَّ ـ، بخِلافِ الأُمَّهَاتِ([8])».
وقد خُصَّت
عائِشَة رضي الله عنها بذِكرِ فضائِلِها مِن بَينِ أَزواجِه صلى الله عليه وسلم
لِمَا حَسَدَها عَلَيه المنافِقُون في عَهدِهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَمَوهَا بهِ
مِنَ العَظائِم، وبَرَّأهَا اللهُ عز وجل فأَنزَل فِيهَا قُرآنًا يُتلَى إِلى
قِيَامِ السَّاعَة([9]).
وكَانَت
رضي الله عنها فَاضِلَةً، عَالِمةً، كَامِلَةً؛ قَالَ عُروَةُ رضي الله عنه: «مَا
رَأَيتُ أَحَدًا أَعلَمَ بالفِقهِ، وَلا طِبٍّ، ولا شِعرٍ مِن عَائِشَة» وقال
مَسرُوقٌ رحمه الله: «رَأَيتُ مَشيَخَةَ أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
الأَكَابِرِ يَسأَلُونَهَا عَنِ الفَرائِضِ» وقَالَ عَطَاءٌ رضي الله عنه: «كَانَت
عَائِشَةُ أَفقَهَ النَّاسِ، وَأَحسَنَ النَّاسِ رَأيًا في العَامَّة» وقَالَ
الزُّهرِيُّ رحمه الله: «لَو جُمِعَ عِلمُ عَائِشَةَ إِلَى عِلمِ أَزواجِ النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم وعِلمِ جَميعِ النِّساءِ لَكَانَ عِلمُ عائِشَةَ
أَفضلَ».
وجُملة ما
رَوَت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَلفَانِ ومِائَتَانِ وعَشَرَةُ أَحَادِيثَ
(2210)؛ اتَّفَقَ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ عَلَى مِائَةٍ وَأَربَعَةٍ وَسَبعِينَ
حَدِيثًا، وَانفَرَدَ البُخَارِيُّ بأَربَعَةٍ وَخَمسِينَ، وَانفَرَدَ مُسلِمٌ
بتِسعَةٍ وَسِتِّينَ([10]).
وقَد
جَاءَتِ نصُوصٌ كَثِيرةٌ في فَضلِ عَائِشَةَ رضي الله عنه خُصُوصًا، وَجَاءَت
آثَارُ السَّلَفِ في الحَثِّ عَلَى حُبِّ الصَّحَابَةِ، وَحُبِّ عَائِشَةَ رضي الله
عنها ، ومَن نَظَر في أَبوَابِ كُتُب الحَدِيثِ عَلِمَ اهتِمَامَ السَّلَفِ
بفَضَائِلِ عَائِشَة رضي الله عنها.
مِن
خَصَائِصِ عَائِشَة رضي الله عنها وفضائلها([11]):
¯ أَنَّها
كَانَت أَحَبَّ أَزوَاجِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إليه: فكَانَ النَّبيُّ
صلى الله عليه وسلم يُحبُّها حُبًّا شدِيدًا، فَقَد سَأَلَه عَمرُو بنُ العَاص رضي
الله عنه: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ»، قُلتُ: مِنَ
الرِّجَالِ؟ قَالَ: «أَبُوهَا»، قُلتُ: ثُمَّ مَن؟ قَالَ: «عُمَرُ». فَعَدَّ
رِجَالا، فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَن يَجعَلَنِي في آخِرِهِم([12]).
قَالَ
الذَّهَبي رحمه الله: «وهذَا خبرٌ ثابتٌ رُغمَ أُنوفِ الرَّوَافِض، ومَا كَان عليه
السلام ليُحِبَّ إلاَّ طَيِّبًا، وقد قال: «لَو كُنتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا مِن
هَذِهِ الأُمَّةِ لاتَّخَذتُ أَبَا بَكرٍ خَلِيلا، وَلَكِن أُخُوَّةُ الإِسلامِ
أَفضَلُ» ([13])، فأحبَّ
أَفضَل رَجلٍ مِن أمَّته، وأَفضَلَ امرَأةٍ مِن أمَّتِه، فمَن أَبغَضَ حَبيبَي
رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فهُو حَريٌّ أن يَكون بَغِيضًا إِلى اللهِ
ورَسُولِهِ»([14]).
بَل كَانَ
صلى الله عليه وسلم حَرِيصًا عَلَى يَومِهَا؛ فَعَن عُروَة ابنِ الزُّبَير رضي الله
عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَـمَّا كَانَ في مَرَضِهِ جَعَل
يَدُورُ في نِسَائِه وَيَقُول: «أَينَ أَنَا غَدًا؟ أَينَ أَنَا غَدًا؟» ـ حِرصًا
عَلَى بَيتِ عَائِشَة ـ، قَالَت عَائِشَة: فَلمَّا كَان يَومِي سَكَن([15]).
¯ أَنَّ
المَلَكَ أَرَى صُورَتَها لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَبلَ أَن يَتَزَوَّجَهَا:
فقال صلى الله عليه وسلم: «أُرِيتُكِ في المَنَامِ ثَلاَث لَيَالٍ، جَاءَنِي بكِ
المَلَكُ في سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُ
عَنْ وَجْهِكَ فَإِذَا أَنْتِ هِيَ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِن عِندِ اللهِ
يُمْضِهِ» ([16])، وكان
كذلك.
¯ أَنَّهَا
زَوجَتُهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة: فعَن عَائِشَة رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ
اللهِ صلى الله عليه وسلم ذكَرَ فاطِمة رضي الله عنها ، قَالَت: فتكلَّمتُ أَنَا،
فقَالَ: «أَمَا تَرضَيْنَ أَن تَكُونِي زَوجَتِي في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ؟!»،
قلتُ: بَلَى، قال: «فَأَنتِ زَوجَتِي في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ» ([17]).
¯ أَنَّ
النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لَم يَتَزَوَّج بكرًا غَيرَهَا: قَالَ ابنُ أَبي
مُلَيكَةَ: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما لِعَائِشَة رضي الله عنها: لَم
يَنكِحِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بكرًا غَيرَكِ([18])، وعَنهَا
رضي الله عنها قَالَت: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيتَ لَو نَزَلتَ وَادِيًا،
وفِيهِ شَجَرَةٌ قَد أُكِلَ مِنهَا، وَوَجَدتَ شَجَرًا لَم يُؤكَلْ مِنهَا، في
أَيِّهَا كُنتَ تُرتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: «في الَّتِي لَمْ يُرْتَعْ مِنهَا» ـ
تَعنِي أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَم يَتزَوَّج بكرًا غَيرَهَا ـ([19]).
¯ وَكَان
يَنزِلُ الوَحيُ في لِحَافِهَا دُونَ غَيرِهَا: فَعَن عُروَة بنِ الزُّبَير رضي
الله عنه قَال: كَان النَّاسُ يَتَحَرَّون بهَدَايَاهُم يَومَ عائِشَة([20])، قَالَت
عَائِشَةُ: فَاجتَمَع صَوَاحِبي([21])
إِلَى أمِّ سَلَمَة، فقَالُوا: يَا أمَّ سَلَمة! واللهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّون
بهَدَايَاهُم يَومَ عائِشة، وإنَّا نُرِيدُ الخَيرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَة،
فمُرِي رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَن يَأمُرَ النَّاسَ أَن يُهدُوا إِلَيه
حَيثُ مَا كَان، أَو حَيثُ مَا دَار، قالَت: فذَكرَتْ ذلِك أمُّ سَلَمة للنَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم ، قالَت: فأَعرَضَ عَنِّي، فلمَّا عَاد إليَّ ذكَرتُ لَه ذاك،
فلمَّا كانَ في الثَّالِثة ذكَرتُ له، فقَال: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ! لا تُؤْذِينِي
في عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وَأَنَا في لِحَافِ
امرَأَةٍ مِنكُنَّ غَيرِهَا» ([22]).
¯ أَنَّ
النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّونَ بهَدَايَاهُم يَومَهَا تَقَرُّبًا إِلَى النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم: كَمَا في الحَدِيثِ السَّابقِ.
¯ أَنَّ
لَها فَضلا عَلَى النِّسَاءِ: فعَن أَنَسٍ رضي الله عنه قَال: سَمِعتُ رَسُولَ
اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: «فَضلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضلِ
الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» ([23]).
قَالَ
العَلاَّمَةُ ابنُ القَيِّم رحمه الله: «وَاختُلِفَ فِي تَفضِيلِهَا ـ أَي خَدِيجَة
ـ عَلَى عَائِشَة رضي الله عنها عَلَى ثَلاثَةِ أَقوَالٍ، ثَالِثُها الوَقفُ،
وسَأَلت شَيخَنا ابنَ تَيمِيَّة رحمه الله ، فَقَال: اختَصَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ
مِنهُما بخَاصَّةٍ؛ فَخَدِيجَة كَانَ تَأثِيرُها في أوَّلِ الإِسلام، وَكَانَت
تُسَلِّي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتُثَبِّتُه وَتُسَكِّنُه، وَتَبذُلُ
دُونَهُ مَالَهَا، فَأَدرَكَت غرّة الإسلام واحتملت الأذى في الله وفي رسوله، وكان
نُصرَتُها لِلرَّسُول صلى الله عليه وسلم في أَعظَمِ أَوقَاتِ الحَاجَة، فَلَها
مِنَ النُّصرَةِ والبَذلِ مَا لَيسَ لِغَيرِها، وَعَائِشَة رضي الله عنها
تَأثِيرُهَا في آخِرِ الإِسلام؛ فَلَها مِن التَّفَقُّه في الدِّينِ، وَتَبلِيغِه
إِلَى الأُمَّةِ، وَانتِفَاعِ بَنِيهَا بمَا أَدَّت إِلَيهِم مِنَ العِلمِ مَا
لَيسَ لِغَيرِهَا، هَذَا مَعنَى كَلامِهِ»([24]).
¯ أَنَّ
جِبرِيلَ عليه السلام أَقرَأَهَا السَّلامَ: فعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَومًا: «يَا عَائِشُ! هَذَا جِبرِيلُ
يُقْرِئُكِ السَّلامَ»، فقُلتُ: وعَلَيهِ السَّلامُ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ،
تَرَى مَا لا أَرَى ـ تُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ([25]).
¯ أَنَّها
لَمَّا نَزَلَت آيَةُ التَّخيير اختَارَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ: فعَن عَائِشَةَ رضي
الله عنها قَالَت: لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بتَخيِيرِ
أَزوَاجِهِ بَدَأَ بي؛ فَقَالَ: «إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمرًا، فَلا عَلَيكِ أَن لا
تَعجَلِي حَتَّى تَستَأمِرِي أَبَوَيكِ»، قَالَت: وَقَد عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَم
يَكُونَا يَأمُرَانِي بفِرَاقِهِ، قَالَت: ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللهَ ـ جَلَّ
ثَنَاؤُهُ ـ قَالَ: ﴿يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا﴾ إِلَى
﴿أَجْرًا
عَظِيمًا﴾
[الأحزاب:29] »، قَالَت: فَقُلتُ: فَفي أَيِّ هَذَا أَستَأمِرُ أَبَوَيَّ؟!
فَإِنِّي أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَت: ثُمَّ فَعَلَ
أَزوَاجُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مِثلَ مَا فَعَلْتُ([26]).
¯ أَنَّ
شَأنَهَا عِندَ اللهِ عز وجل عَظِيمٌ: وَمَا قِصَّةُ الإِفكِ إِلا دَلِيلٌ عَلَيهِ؛
فقد بَرَّأَهَا اللهُ مِمَّا رَمَاهَا بهِ أَهلُ الإِفكِ بِوَحيٍ يُتلَى إِلَى
يَومِ القِيَامَة، وَشَهِدَ لَهَا بأَنَّهَا مِنَ الطَّيِّباتِ؛ فَقَال تَعَالَى:
﴿وَالطَّيِّبَاتُ
لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ﴾
[النور:26]، وَوَعَدَها المَغفِرَةَ وَالرِّزقَ الكَرِيمَ؛ فقَال: ﴿
مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم﴾ [سبأ:4] ،
وَأَخبَر تَعَالَى أَنَّ مَا قيلَ فِيهَا مِنَ الإِفكِ كَانَ خَيرًا لَهَا، وَلَم
يَكُن شَرًّا، وَلا عَارًا، فَقَال: ﴿ لاَ
تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾
[النور:11].
¯ أَنَّهَا
كَانَت سَبَبًا([27]) في
كَثِيرٍ مِنَ البَرَكَاتِ: فعن عُروَة بنِ الزُّبَير رضي الله عنه عن عائِشة رضي
الله عنه أنَّها استَعارَت مِن أَسماءَ قِلادةً فهَلَكَت([28])، فأَرسَلَ
رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ناسًا مِن أَصحَابِه في طَلَبِها، فَأَدرَكَتهُم
الصَّلاةُ، فَصَلَّوا بغَير وُضُوءٍ، فَلمَّا أَتَوا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم
شَكَوا ذلِك إِلَيه، فَنَزَلَت آيةُ التَّيمُّمِ، فقَالَ أُسَيدُ بنُ حُضَير:
جَزاكِ اللهُ خَيرًا؛ فَوَاللهِ مَا نَزَل بكِ أَمرٌ قَطُّ إِلاَّ جَعَل اللهُ لكِ
مِنه مخرَجًا، وجَعَل لِلمُسلِمِين فِيه بَركَةً([29]).
¯ أَنَّ
أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم كَانُوا يَستَفتُونَهَا؛ فَيَجِدُونَ عِلْمَ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِندَهَا: فعن أَبي مُوسَى الأَشعَرِيِّ رضي الله
عنه قَالَ: مَا أَشكَلَ عَلَينَا ـ أَصحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ
حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلنَا عَائِشَةَ إِلاَّ وَجَدنَا عِندَهَا مِنهُ عِلمًا([30]).
ومَعَ
هذِهِ الفَضَائِل ـ وهِيَ كَثِيرَةٌ ـ ظَهَر الرَّوافِضُ ـ لَعَنَهمُ اللهُ ـ؛
فسَارُوا عَلَى طَرِيق أَسلافِهِم مِن المنَافِقِين واليَهُود، فأَعظَمُوا الفِريَة
علَى عائِشَة رضي الله عنها ، واتَّهمُوا فِرَاشَ النَّبيِّ صلى الله عليه
وسلم.
فنَعُوذُ
باللهِ مِمَّن يَشنَأُ عَائِشَة رضي الله عنها حَبيبَةَ رَسُولِ الله صلى الله عليه
وسلم ، الطَّيِّبةَ المُبَرَّأةَ، الصِّدِّيقَةَ ابنَةَ الصِّدِّيق، أمَّ
المؤمِنِين، رضِيَ اللهُ عَنهَا وَعَن أَبِيها خَلِيفَةِ رَسُولِ الله صلى الله
عليه وسلم ([31]).
حُكمُ مَن
سَبَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
اتَّفَق
الفُقَهاءُ عَلَى أَنَّ مَن قَذَف عَائِشَة رضي الله عنها فَقَد كَذَّب صَرِيحَ
القُرآنِ الَّذِي نَزَل بحَقِّهَا، وَهُوَ بذَلِك كَافِرٌ بَعدَ أَن بَرَّأَهَا
اللهُ مِنهُ في قَولِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ
الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ﴾ إِلَى
قَولِه: ﴿
يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم
مُّؤْمِنِين﴾ [النور:17
ـ 11]([32]).
أَمَّا إِن
كَانَ السَّبُّ بغَير القَذفِ لِعَائِشَة رضي الله عنها أَو غَيرِهَا مِن أُمَّهاتِ
المُؤمِنِينَ؛ فَالسَّابُّ يُؤَدَّب، فَفَرْقٌ بَين القَذفِ وبَينَ السَّبِّ بغَير
القَذفِ، وَهُو مَا يُؤخَذ مِن كَلام عَامَّة الفُقَهاء، وَإِن لم يُصرِّحُوا
بذَلِك([33]).
قال
القَاضِي عِيَاضٌ المَالِكيُّ رحمه الله (ت: 544هـ): رُوِيَ عَن مَالِكٍ: مَن سَبَّ
أَبَا بَكرٍ جُلِدَ، وَمَن سَبَّ عَائِشَةَ قُتِلَ، قِيلَ لَهُ: لِـمَ؟! قَالَ: مَن
رَمَاهَا فَقَد خَالَفَ القُرآنَ.
وذَكَرَ
تَعَالَى مَا نَسَبَهُ المنافِقُونَ إِلَى عَائِشَة، فَقَالَ: ﴿وَلَوْلاَ
إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا
سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيم﴾، سَبَّح
نَفسَهُ في تَنزِيهِهَا([34]) مِنَ
السُّوءِ، كَمَا سَبَّحَ نَفسَهُ في تَبرِئَتِهِ مِنَ السُّوءِ، وَهَذَا يَشهَدُ
لِقَولِ مَالِكٍ في قَتلِ مَن سَبَّ عَائِشَة رضي الله عنها.
وَمَعنَى
هَذَا ـ وَاللهُ أَعلَمُ ـ أَنَّ اللهَ تَعَالَى لـمـََّا عَظَّم سَبَّهَا كَمَا
عَظَّم سَبَّه، وَكَانَ سَبُّها سَبًّا لِنَبيِّه صلى الله عليه وسلم، وَقَرَنَ
سبَّ نَبيِّه صلى الله عليه وسلم وَأَذَاهُ بأَذَاهُ تَعَالَى، وَكَانَ حُكمُ
مُؤذِيهِ تَعَالَى القَتلَ، [و] كَانَ مُؤذِي نَبيِّه كَذَلِك»([35]).
قال
القَاضِي أَبُو يَعلَى: «مَن قَذَف عَائِشَة بمَا بَرَّأَها اللهُ مِنهُ كَفَر بلا
خِلافٍ» ([36]).
قال شَيخُ
الإِسلام رحمه الله (ت: 728هـ): «وَقَد حَكَى الإِجمَاعَ عَلَى هَذَا غَيرُ
وَاحِدٍ، وَصرَّحَ غَيرُ وَاحِدٍ مِن الأَئِمَّةِ بهَذا الحُكمِ» ([37]).
وعَدَّدَ
الإِمامُ النَّوَوي رحمه الله (ت: 676هـ) فَوائِدَ حَدِيثِ الإِفك؛ فَذَكَر مِنهَا:
«بَرَاءَة عَائِشَة رضي الله عنها مِن الإِفكِ، وَهِي بَرَاءَةٌ قَطعِيَّةٌ بنصِّ
القُرآنِ العَزِيز، فَلَو تَشَكَّكَ فِيهَا إِنسَانٌ ـ وَالعِيَاذُ باللهِ ـ صَارَ
كَافِرًا مُرتَدًّا بإِجمَاعِ المُسلِمِين، قَال ابنُ عَبَّاسٍ وغَيرُه: لَمْ
تَزْنِ امرَأَةُ نَبيٍّ مِنَ الأَنبِيَاء ـ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيهِم
أَجمَعِين ـ، وَهَذَا إِكرَامٌ مِنَ اللهِ ـ تَعَالَى ـ لَهُم»([38]).
وقَال
الإِمَامُ ابنُ عُثَيمِين رحمه الله (ت: 1421هـ): «قَذفُ عَائِشَة رضي الله عنها
بمَا بَرَّأَهَا اللهُ مِنهُ كُفرٌ؛ لأَنَّهُ تَكذِيبٌ لِلقُرآنِ، وَفي قَذفِ
غَيرِهَا مِن أُمَّهَاتِ المُؤمِنِينَ قَولانِ لأَهلِ العِلمِ: أَصَحُّهُمَا
أَنَّهُ كُفرٌ؛ لأَنَّهُ قَدحٌ في النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَإِنَّ
الخَبيثَاتِ لِلخَبيثِينَ» ([39]).
وقَد
سَجَّلَ التَّارِيخُ قَتلَ مَن قَذَفَ عَائِشَة رضي الله عنها بمَا بَرَّأَهَا
اللهُ مِنهُ([40]):
قَالَ
أَبُو بَكرٍ بنُ زِيَاد النَّيسَابُورِي رحمه الله: سَمِعتُ القَاسِم بنَ محمَّدٍ
يَقُولُ لإِسمَاعِيلَ بنِ إِسحَاق: أُتِيَ المَأمُونُ بالرِّقَّة بِرَجُلَينِ؛
شَتَمَ أَحدُهُما فَاطِمَةَ، وَالآخَرُ عَائِشَةَ، فَأَمَر بقَتلِ الَّذِي شَتَم
فَاطِمَة، وَتَرَك الآخَر، قَالَ إِسمَاعِيلُ: مَا حُكمُهُمَا إِلاَّ أَن يُقتَلا؛
لأَنَّ الَّذِي شَتَم عَائِشَةَ رَدَّ القُرآنَ.
وَعَلَى
هَذَا مَضَت سِيرَةُ أَهلِ الفِقهِ وَالعِلمِ؛ مِن أَهلِ البَيتِ
وَغَيرِهِم.
قَال أَبُو
السَّائِب القَاضِي رحمه الله: كُنتُ يَومًا بحَضرَةِ الحَسَن بنِ زَيدٍ الدَّاعِي
بطَبَرِستَان، وَكَان يَلبَسُ الصُّوفَ، وَيَأمُر بالمَعرُوفِ وَيَنهَى عَن
المُنكَر، وَيُوجِّه في كُلِّ سَنَةٍ بعِشرِينَ أَلفِ دِينَارٍ إِلَى مَدِينَةِ
السَّلامِ؛ يُفَرَّقُ عَلَى سَائِرِ وَلَدِ الصَّحَابَة، وَكَانَ بحَضرَتِه رَجُلٌ
ذَكَر عَائِشَة بذِكرٍ قَبيحٍ مِنَ الفَاحِشَة، فَقَالَ: يَا غُلامُ! اِضرِبْ
عُنُقَه، فَقَالَ لَهُ العَلَوِيُّونَ: هَذَا رَجُلٌ مِن شِيعَتِنَا، فَقَال:
مَعَاذَ اللهِ، هَذَا رَجُلٌ طَعَن في النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ اللهُ
تَعَالَى: ﴿
الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ
لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا
يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم﴾
[النور:26] ، فَإِن كَانَت عَائِشَة خَبيثَةً فَالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم
خَبيثٌ، فَهُو كَافِرٌ، فَاضرِبُوا عُنُقَه، فَضَرَبُوا عُنُقَه وَأَنَا
حَاضِر.
ورُوِيَ
عَن محمَّدِ بنِ زَيدٍ ـ أَخِي الحَسَن ابنِ زَيدٍ ـ أَنَّه قَدِمَ عَلَيهِ رَجُلٌ
مِنَ العِرَاق، فَذَكَر عَائِشَة بسُوءٍ، فَقَامَ إِلَيهِ بعَمُودٍ فَضَرَبَ بهِ
دِمَاغَهُ فَقَتَلَهُ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا مِن شِيعَتِنَا وَمِمَّن يَتَولاَّنَا،
فَقَال: هَذَا سَمَّى جَدِّي قَرْنَانَ([41])، وَمَن
سَمَّى جَدِّي قَرنَانَ استَحَقَّ القَتلَ، فَقَتَلَهُ.
فَالوَاجِبُ عَلَى
المُسلِم ـ بَعدَ هَذَا ـ أَن يَجعَلَ حُبَّ عَائِشَة رضي الله عنها نُصبَ
عَينَيهِ، فَإِنَّ حُبَّها دَلِيلٌ عَلَى حُبِّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛
فَقَد قَالَ لِفَاطِمَة رضي الله عنها: «أَيْ بُنَيَّة! أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا
أُحِبُّ؟!» قَالَت: بَلَى، قَالَ: «فأَحِبِّي هَذِهِ» ([42]).
وَليَحذَرِ
المُسلِمُ مِن رَوَاسِبِ الدَّولَةِ العُبَيدِيَّة الرَّافِضِيَّة؛ كَقَولِ
العَوَامِّ في وَصفِ المَرأَةِ المُتَرَجِّلَةِ: «عِيشَة رَاجَلْ»، أَو «يَومَ
العِيدِ نَذبَحُ عِيشَة وَسْعِيدْ»، وَغَيرُهَا كَثِيرٌ، مِمَّا فِيهِ رَائِحَةُ
الرَّفضِ، وَلَعَلَّ قَصَبَ السَّبقِ يَكُونُ لِمَن يُبَيِّن هَذِه البَقَايَا،
وَ﴿ذَلِكَ
فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء﴾
[الحديد:21].
وَالحَمدُ
للهِ أَوَّلا وَآخِرًا، وَالعِلمُ عِندَ اللهِ ».
([1])
رواه مسلم (3022).
[2]))
الجامع لأحكام القرآن (20/373).
[3]))
الحاكم (3857) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرِّجاه.
([4])
العقيدة الطَّحاويَّة (ص475 ـ ابن أبي العزِّ).
([5])
عقيدة ابن أبي زيد القيرواني (ص412 وما بعدها ـ شرح القاضي عبد
الوهَّاب).
[6]))
والسَّبُّ يَرجِع عَلَيهم؛ لأنَّ الصَّحابَة رضي
الله عنه
بُرَآءُ مِنه، وَلِذَا قِيل: إِنَّ
الرَّافِضِيَّ فَوَّارَةُ اللَّعنَةِ. [الدِّينُ الخالِص
(3/264)].
([7])
المقام لا يكفي لترجمتها، ولكن انظر: أُسْد الغابة (7/186)، الاستيعاب
(ص918)، الإصابة (8/139)، السِّير (2/135).
([8])
الجامع لأحكام القرآن (17/62).
([9])
كتاب الشَّريعة (4/119).
[10]))
السِّير (2/139).
([11]) انظر:
جلاء الأفهام (ص265)، وعقيدة أهل السُّنَّة والجماعة في
الصَّحابة الكرام رضي
الله عنهم
للدُّكتور ناصر بن علي الشَّيخ (1/426).
[12]))
البخاري (3657) ـ واللَّفظ له ـ، ومسلم (2384).
([13])
البخاري (3657) ـ واللَّفظ له ـ، ومسلم (2383).
[14]))
السِّير (2/142).
[15]))
البخاري (3774) ـ واللَّفظ له ـ، ومسلم (2443).
([16])
البخاري (3895)، مسلم (2438).
[17]))
الحاكم (4/91)، وصحَّحه العلاَّمة الألباني في الصحيحة
(2255) و(3011).
[18]))
علَّقه البخاري (3/489)، ووصله برقم
(4753).
[19]))
البخاري (5077).
[20])) أي:
يتقربون إلى النَّبيِّ صلى
الله عليه وسلم إذا
كان عندها.
[21]))
أي: أَزوَاج النَّبيِّ صلى
الله عليه وسلم،
وفي روايةِ مُسلِم: أَنَّهنَّ أَرسَلْنَ فَاطِمَة،
ثُمَّ زَينَب بنتَ جَحشٍ رضي
الله عنها.
[22]))
البخاري (3775)، والترمذي (3879 ـ مشهور).
[23]))
البخاري (3770)، ومسلم (2446).
([24])
جلاء الأفهام (ص263 ـ المجمع).
[25]))
البخاري (3768)، ومسلم (2447)، والتِّرمذي (3881).
([26])
البخاري (4786) تعليقًا، ومسلم (1475).
[27]))
أمَّا البركة الجسديَّة فهي خاصَّة بالنَّبيِّ صلى
الله عليه وسلم،
وانظر: التَّبرُّك المشرُوع والتَّبرُّك الممنُوع للعلياني.
[28])) أي
ضاعت.
[29]))
البخاري (3773)، ومسلم (367).
([30])
الترمذي (3883 ـ مشهور)، وصححه الإمام الألباني رحمه الله.
[31]))
كتاب الشَّريعة (4/119).
[32]))
الموسوعة الكويتية (22/185 ـ ردة)، و(33/22 ـ قذف).
[33]))
الموسوعة الكويتية (24/139ـ سبّ) باختِصار.
[34])) أي
عائشة رضي
الله عنها.
[35]))
الشِّفا في التَّعريف بحُقُوق المصطَفَى (ص878) بتصرُّفٍ
يَسِيرٍ.
[36]))
الصارم المسلول (3/1050).
[37]))
الصارم المسلول (3/1050).
([38]) شرح
مسلم (17/117).
([39])
تعليق مختصر على كتاب لمعة الاعتقاد (ص 82).
([40])
الصارم المسلول (3/1050).
([41]) هو الَّذي لا غيرة
له.
[42])) مسلم
(2442).
مُعتَقَدِ أَهلِ السُّنَّة والجَمَاعَة في صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه
وسلم أَن نُحِبَّهم، وَلا نُبغِضَ أَحَدًا مِنهُم، وأَن نُمسِكَ عَمَّا شَجَرَ
بَينَهُم، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا
مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ
سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا
رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم﴾
[الحشر:10].
عن عُروَةَ
بنِ الزُّبَير رضي الله عنه قَال: قَالَت لِي عَائِشَة رضي الله عنها: يَا ابنَ
أُختِي! أُمِرُوا أَن يَستَغفِرُوا لأَصحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
فَسَبُّوهُم([1]).
وقال
الإِمَامُ القُرطبيُّ المالِكيُّ رحمه الله (ت: 671هـ): «هذِه الآيَة دَليلٌ علَى
وُجُوب محبَّة الصَّحَابَة؛ لأَنَّه جَعَل لِمَن بعدَهُم حَظًّا في الفَيءِ مَا
أَقامُوا عَلَى محبَّتِهم ومُوَالاتِهِم وَالاِستِغفَار لَهُم، وأَنَّ مَن سَبَّهم،
أَو وَاحِدًا مِنهُم، أَو اعتَقَد فِيه شَرًّا أَنَّه لا حَقَّ لَه في الفَيءِ،
رُوِيَ ذَلِك عَن مالِكٍ وَغَيرِه، قَال مَالِك: مَن كَانَ يُبغِضُ أَحَدًا مِن
أَصحَابِ مُحَمَّدٍ ح أَو كَانَ في قَلبِهِ عَلَيهِم غِلٌّ، فَلَيسَ لَهُ حَقٌّ في
فَيءِ المُسلِمِين، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا
مِن بَعْدِهِمْ﴾
الآيَةَ»([2]).
وعَن سَعدِ
بنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: النَّاسُ عَلَى ثَلاثِ مَنَازِلَ؛ فَمَضَت
مِنهُمُ اثنَتَانِ، وَبَقِيَت وَاحِدَةٌ، فَأَحسَنُ مَا أَنتُم كَائِنُونَ عَلَيهِ
أَن تَكُونُوا بهَذِهِ المَنزِلَةِ الَّتِي بَقِيَت، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿
لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ
وَأَمْوَالِهِمْ﴾ الآيَةَ
[الحشر:8]، ثمَّ قَال: هَؤلاءِ المُهَاجِرُون، وَهَذِه مَنزِلَةٌ وَقَد مَضَت،
ثُمَّ قَرَأ: ﴿
وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ الآيَةَ
[الحشر:9]، ثمَّ قَال: هَؤلاءِ الأَنصَارُ، وَهَذِه مَنزِلَةٌ وَقَد مَضَت، ثمَّ
قَرَأ: ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا
مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ
سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ﴾
[الحشر:10]، قالَ: فَقَد مَضَت هَاتَانِ المَنزِلَتَانِ، وَبَقِيَت هَذِهِ
المَنزِلَةُ، فَأَحسَنُ مَا أَنتُم كَائِنُونَ عَلَيهِ أَن تَكُونُوا بهَذِه
المَنزِلَةِ الَّتِي بَقِيَت([3]).
وقال
الإمام أبو جَعفَر الطَّحاويُّ رحمه الله (ت: 321هـ) ـ وَهُو يَتَكلَّمُ عَن
الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم ـ: «وَحُبُّهُم دِينٌ وَإِيمَانٌ وَإِحسَانٌ،
وَبُغضُهُم كُفرٌ وَنِفَاقٌ وَطُغيَانٌ([4])»، فحبُّهم
إيمانٌ: لأنَّه امتثالٌ لأمر الله عز وجل، وأمر رسوله صلى الله عليه
وسلم.
وقال
الإِمَامُ عبدُ الله بنُ أَبي زَيدٍ القَيرَوَانِيُّ المالِكيُّ رحمه الله (ت:
386هـ): «وَلا يُذكَرُ أَحَدٌ مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
إِلاَّ بأَحسَنِ الذِّكرِ، وَالإِمسَاكُ عَمَّا شَجَرَ بَينَهُم، وَأَنَّهُم
أَحَقُّ النَّاسِ أَن يُلتَمَسَ لَهُمُ المَخَارِجُ، وَيُظَنَّ بهُم أَحسَنُ
المَذَاهِبِ([5])».
فإذا
تقرَّر هذَا عَقِيدَةً؛ فالوَاجِب عَلى كُلِّ مَن أَرَاد النَّجَاة في الدَّارَينِ
أَن يَسلُكَ سَبيل سَلَفِه الصَّالِح في الاِعتِقَاد، وَالعَمَل، وليَجتَهِد في
نَشرِ هَذِه العَقِيدَة الطَّيِّبة ـ في صَحَابَة رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
ـ في أَهلِهِ ومُجتَمَعِه، كَمَا اجتَهَدَ الرَّوَافِضُ في سَبِّ([6])
الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَالحَطِّ مِنهُم، بَل أَكثَر!!
وكلُّ
عاقلٍ يَعلَمُ أنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها ([7])، وجميعَ
أزواجِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أمَّهاتِ المؤمِنين، فضَّلهُنَّ الله عز
وجلَّ برسُولِه صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: ﴿
النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ
أُمَّهَاتُهُمْ﴾
[الأحزاب:6].
قال
القرطبي رحمه الله: «شَرَّفَ اللهُ تَعَالَى أَزوَاجَ نَبيِّهِ صلى الله عليه وسلم
بِأَن جَعَلَهُنَّ أُمَّهَاتِ المُؤمِنِينَ، أَي: في وُجُوبِ التَّعظِيمِ
وَالمَبَرَّةِ وَالإجلالِ، وَحُرمَةِ النِّكَاحِ عَلَى الرِّجَالِ، وَحَجْبهِنَّ ـ
رَضِي اللهُ تَعَالَى عَنهُنَّ ـ، بخِلافِ الأُمَّهَاتِ([8])».
وقد خُصَّت
عائِشَة رضي الله عنها بذِكرِ فضائِلِها مِن بَينِ أَزواجِه صلى الله عليه وسلم
لِمَا حَسَدَها عَلَيه المنافِقُون في عَهدِهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَمَوهَا بهِ
مِنَ العَظائِم، وبَرَّأهَا اللهُ عز وجل فأَنزَل فِيهَا قُرآنًا يُتلَى إِلى
قِيَامِ السَّاعَة([9]).
وكَانَت
رضي الله عنها فَاضِلَةً، عَالِمةً، كَامِلَةً؛ قَالَ عُروَةُ رضي الله عنه: «مَا
رَأَيتُ أَحَدًا أَعلَمَ بالفِقهِ، وَلا طِبٍّ، ولا شِعرٍ مِن عَائِشَة» وقال
مَسرُوقٌ رحمه الله: «رَأَيتُ مَشيَخَةَ أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
الأَكَابِرِ يَسأَلُونَهَا عَنِ الفَرائِضِ» وقَالَ عَطَاءٌ رضي الله عنه: «كَانَت
عَائِشَةُ أَفقَهَ النَّاسِ، وَأَحسَنَ النَّاسِ رَأيًا في العَامَّة» وقَالَ
الزُّهرِيُّ رحمه الله: «لَو جُمِعَ عِلمُ عَائِشَةَ إِلَى عِلمِ أَزواجِ النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم وعِلمِ جَميعِ النِّساءِ لَكَانَ عِلمُ عائِشَةَ
أَفضلَ».
وجُملة ما
رَوَت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَلفَانِ ومِائَتَانِ وعَشَرَةُ أَحَادِيثَ
(2210)؛ اتَّفَقَ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ عَلَى مِائَةٍ وَأَربَعَةٍ وَسَبعِينَ
حَدِيثًا، وَانفَرَدَ البُخَارِيُّ بأَربَعَةٍ وَخَمسِينَ، وَانفَرَدَ مُسلِمٌ
بتِسعَةٍ وَسِتِّينَ([10]).
وقَد
جَاءَتِ نصُوصٌ كَثِيرةٌ في فَضلِ عَائِشَةَ رضي الله عنه خُصُوصًا، وَجَاءَت
آثَارُ السَّلَفِ في الحَثِّ عَلَى حُبِّ الصَّحَابَةِ، وَحُبِّ عَائِشَةَ رضي الله
عنها ، ومَن نَظَر في أَبوَابِ كُتُب الحَدِيثِ عَلِمَ اهتِمَامَ السَّلَفِ
بفَضَائِلِ عَائِشَة رضي الله عنها.
مِن
خَصَائِصِ عَائِشَة رضي الله عنها وفضائلها([11]):
¯ أَنَّها
كَانَت أَحَبَّ أَزوَاجِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إليه: فكَانَ النَّبيُّ
صلى الله عليه وسلم يُحبُّها حُبًّا شدِيدًا، فَقَد سَأَلَه عَمرُو بنُ العَاص رضي
الله عنه: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ»، قُلتُ: مِنَ
الرِّجَالِ؟ قَالَ: «أَبُوهَا»، قُلتُ: ثُمَّ مَن؟ قَالَ: «عُمَرُ». فَعَدَّ
رِجَالا، فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَن يَجعَلَنِي في آخِرِهِم([12]).
قَالَ
الذَّهَبي رحمه الله: «وهذَا خبرٌ ثابتٌ رُغمَ أُنوفِ الرَّوَافِض، ومَا كَان عليه
السلام ليُحِبَّ إلاَّ طَيِّبًا، وقد قال: «لَو كُنتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا مِن
هَذِهِ الأُمَّةِ لاتَّخَذتُ أَبَا بَكرٍ خَلِيلا، وَلَكِن أُخُوَّةُ الإِسلامِ
أَفضَلُ» ([13])، فأحبَّ
أَفضَل رَجلٍ مِن أمَّته، وأَفضَلَ امرَأةٍ مِن أمَّتِه، فمَن أَبغَضَ حَبيبَي
رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فهُو حَريٌّ أن يَكون بَغِيضًا إِلى اللهِ
ورَسُولِهِ»([14]).
بَل كَانَ
صلى الله عليه وسلم حَرِيصًا عَلَى يَومِهَا؛ فَعَن عُروَة ابنِ الزُّبَير رضي الله
عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَـمَّا كَانَ في مَرَضِهِ جَعَل
يَدُورُ في نِسَائِه وَيَقُول: «أَينَ أَنَا غَدًا؟ أَينَ أَنَا غَدًا؟» ـ حِرصًا
عَلَى بَيتِ عَائِشَة ـ، قَالَت عَائِشَة: فَلمَّا كَان يَومِي سَكَن([15]).
¯ أَنَّ
المَلَكَ أَرَى صُورَتَها لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَبلَ أَن يَتَزَوَّجَهَا:
فقال صلى الله عليه وسلم: «أُرِيتُكِ في المَنَامِ ثَلاَث لَيَالٍ، جَاءَنِي بكِ
المَلَكُ في سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُ
عَنْ وَجْهِكَ فَإِذَا أَنْتِ هِيَ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِن عِندِ اللهِ
يُمْضِهِ» ([16])، وكان
كذلك.
¯ أَنَّهَا
زَوجَتُهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَة: فعَن عَائِشَة رضي الله عنها أنَّ رَسُولَ
اللهِ صلى الله عليه وسلم ذكَرَ فاطِمة رضي الله عنها ، قَالَت: فتكلَّمتُ أَنَا،
فقَالَ: «أَمَا تَرضَيْنَ أَن تَكُونِي زَوجَتِي في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ؟!»،
قلتُ: بَلَى، قال: «فَأَنتِ زَوجَتِي في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ» ([17]).
¯ أَنَّ
النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لَم يَتَزَوَّج بكرًا غَيرَهَا: قَالَ ابنُ أَبي
مُلَيكَةَ: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما لِعَائِشَة رضي الله عنها: لَم
يَنكِحِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بكرًا غَيرَكِ([18])، وعَنهَا
رضي الله عنها قَالَت: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيتَ لَو نَزَلتَ وَادِيًا،
وفِيهِ شَجَرَةٌ قَد أُكِلَ مِنهَا، وَوَجَدتَ شَجَرًا لَم يُؤكَلْ مِنهَا، في
أَيِّهَا كُنتَ تُرتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: «في الَّتِي لَمْ يُرْتَعْ مِنهَا» ـ
تَعنِي أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَم يَتزَوَّج بكرًا غَيرَهَا ـ([19]).
¯ وَكَان
يَنزِلُ الوَحيُ في لِحَافِهَا دُونَ غَيرِهَا: فَعَن عُروَة بنِ الزُّبَير رضي
الله عنه قَال: كَان النَّاسُ يَتَحَرَّون بهَدَايَاهُم يَومَ عائِشَة([20])، قَالَت
عَائِشَةُ: فَاجتَمَع صَوَاحِبي([21])
إِلَى أمِّ سَلَمَة، فقَالُوا: يَا أمَّ سَلَمة! واللهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّون
بهَدَايَاهُم يَومَ عائِشة، وإنَّا نُرِيدُ الخَيرَ كَمَا تُرِيدُهُ عَائِشَة،
فمُرِي رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَن يَأمُرَ النَّاسَ أَن يُهدُوا إِلَيه
حَيثُ مَا كَان، أَو حَيثُ مَا دَار، قالَت: فذَكرَتْ ذلِك أمُّ سَلَمة للنَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم ، قالَت: فأَعرَضَ عَنِّي، فلمَّا عَاد إليَّ ذكَرتُ لَه ذاك،
فلمَّا كانَ في الثَّالِثة ذكَرتُ له، فقَال: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ! لا تُؤْذِينِي
في عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ وَاللهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وَأَنَا في لِحَافِ
امرَأَةٍ مِنكُنَّ غَيرِهَا» ([22]).
¯ أَنَّ
النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّونَ بهَدَايَاهُم يَومَهَا تَقَرُّبًا إِلَى النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم: كَمَا في الحَدِيثِ السَّابقِ.
¯ أَنَّ
لَها فَضلا عَلَى النِّسَاءِ: فعَن أَنَسٍ رضي الله عنه قَال: سَمِعتُ رَسُولَ
اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: «فَضلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضلِ
الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» ([23]).
قَالَ
العَلاَّمَةُ ابنُ القَيِّم رحمه الله: «وَاختُلِفَ فِي تَفضِيلِهَا ـ أَي خَدِيجَة
ـ عَلَى عَائِشَة رضي الله عنها عَلَى ثَلاثَةِ أَقوَالٍ، ثَالِثُها الوَقفُ،
وسَأَلت شَيخَنا ابنَ تَيمِيَّة رحمه الله ، فَقَال: اختَصَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ
مِنهُما بخَاصَّةٍ؛ فَخَدِيجَة كَانَ تَأثِيرُها في أوَّلِ الإِسلام، وَكَانَت
تُسَلِّي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتُثَبِّتُه وَتُسَكِّنُه، وَتَبذُلُ
دُونَهُ مَالَهَا، فَأَدرَكَت غرّة الإسلام واحتملت الأذى في الله وفي رسوله، وكان
نُصرَتُها لِلرَّسُول صلى الله عليه وسلم في أَعظَمِ أَوقَاتِ الحَاجَة، فَلَها
مِنَ النُّصرَةِ والبَذلِ مَا لَيسَ لِغَيرِها، وَعَائِشَة رضي الله عنها
تَأثِيرُهَا في آخِرِ الإِسلام؛ فَلَها مِن التَّفَقُّه في الدِّينِ، وَتَبلِيغِه
إِلَى الأُمَّةِ، وَانتِفَاعِ بَنِيهَا بمَا أَدَّت إِلَيهِم مِنَ العِلمِ مَا
لَيسَ لِغَيرِهَا، هَذَا مَعنَى كَلامِهِ»([24]).
¯ أَنَّ
جِبرِيلَ عليه السلام أَقرَأَهَا السَّلامَ: فعَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَومًا: «يَا عَائِشُ! هَذَا جِبرِيلُ
يُقْرِئُكِ السَّلامَ»، فقُلتُ: وعَلَيهِ السَّلامُ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ،
تَرَى مَا لا أَرَى ـ تُرِيدُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ([25]).
¯ أَنَّها
لَمَّا نَزَلَت آيَةُ التَّخيير اختَارَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ: فعَن عَائِشَةَ رضي
الله عنها قَالَت: لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بتَخيِيرِ
أَزوَاجِهِ بَدَأَ بي؛ فَقَالَ: «إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمرًا، فَلا عَلَيكِ أَن لا
تَعجَلِي حَتَّى تَستَأمِرِي أَبَوَيكِ»، قَالَت: وَقَد عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَم
يَكُونَا يَأمُرَانِي بفِرَاقِهِ، قَالَت: ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللهَ ـ جَلَّ
ثَنَاؤُهُ ـ قَالَ: ﴿يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا﴾ إِلَى
﴿أَجْرًا
عَظِيمًا﴾
[الأحزاب:29] »، قَالَت: فَقُلتُ: فَفي أَيِّ هَذَا أَستَأمِرُ أَبَوَيَّ؟!
فَإِنِّي أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَت: ثُمَّ فَعَلَ
أَزوَاجُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مِثلَ مَا فَعَلْتُ([26]).
¯ أَنَّ
شَأنَهَا عِندَ اللهِ عز وجل عَظِيمٌ: وَمَا قِصَّةُ الإِفكِ إِلا دَلِيلٌ عَلَيهِ؛
فقد بَرَّأَهَا اللهُ مِمَّا رَمَاهَا بهِ أَهلُ الإِفكِ بِوَحيٍ يُتلَى إِلَى
يَومِ القِيَامَة، وَشَهِدَ لَهَا بأَنَّهَا مِنَ الطَّيِّباتِ؛ فَقَال تَعَالَى:
﴿وَالطَّيِّبَاتُ
لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ﴾
[النور:26]، وَوَعَدَها المَغفِرَةَ وَالرِّزقَ الكَرِيمَ؛ فقَال: ﴿
مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم﴾ [سبأ:4] ،
وَأَخبَر تَعَالَى أَنَّ مَا قيلَ فِيهَا مِنَ الإِفكِ كَانَ خَيرًا لَهَا، وَلَم
يَكُن شَرًّا، وَلا عَارًا، فَقَال: ﴿ لاَ
تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾
[النور:11].
¯ أَنَّهَا
كَانَت سَبَبًا([27]) في
كَثِيرٍ مِنَ البَرَكَاتِ: فعن عُروَة بنِ الزُّبَير رضي الله عنه عن عائِشة رضي
الله عنه أنَّها استَعارَت مِن أَسماءَ قِلادةً فهَلَكَت([28])، فأَرسَلَ
رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ناسًا مِن أَصحَابِه في طَلَبِها، فَأَدرَكَتهُم
الصَّلاةُ، فَصَلَّوا بغَير وُضُوءٍ، فَلمَّا أَتَوا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم
شَكَوا ذلِك إِلَيه، فَنَزَلَت آيةُ التَّيمُّمِ، فقَالَ أُسَيدُ بنُ حُضَير:
جَزاكِ اللهُ خَيرًا؛ فَوَاللهِ مَا نَزَل بكِ أَمرٌ قَطُّ إِلاَّ جَعَل اللهُ لكِ
مِنه مخرَجًا، وجَعَل لِلمُسلِمِين فِيه بَركَةً([29]).
¯ أَنَّ
أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم كَانُوا يَستَفتُونَهَا؛ فَيَجِدُونَ عِلْمَ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِندَهَا: فعن أَبي مُوسَى الأَشعَرِيِّ رضي الله
عنه قَالَ: مَا أَشكَلَ عَلَينَا ـ أَصحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ
حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلنَا عَائِشَةَ إِلاَّ وَجَدنَا عِندَهَا مِنهُ عِلمًا([30]).
ومَعَ
هذِهِ الفَضَائِل ـ وهِيَ كَثِيرَةٌ ـ ظَهَر الرَّوافِضُ ـ لَعَنَهمُ اللهُ ـ؛
فسَارُوا عَلَى طَرِيق أَسلافِهِم مِن المنَافِقِين واليَهُود، فأَعظَمُوا الفِريَة
علَى عائِشَة رضي الله عنها ، واتَّهمُوا فِرَاشَ النَّبيِّ صلى الله عليه
وسلم.
فنَعُوذُ
باللهِ مِمَّن يَشنَأُ عَائِشَة رضي الله عنها حَبيبَةَ رَسُولِ الله صلى الله عليه
وسلم ، الطَّيِّبةَ المُبَرَّأةَ، الصِّدِّيقَةَ ابنَةَ الصِّدِّيق، أمَّ
المؤمِنِين، رضِيَ اللهُ عَنهَا وَعَن أَبِيها خَلِيفَةِ رَسُولِ الله صلى الله
عليه وسلم ([31]).
حُكمُ مَن
سَبَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
اتَّفَق
الفُقَهاءُ عَلَى أَنَّ مَن قَذَف عَائِشَة رضي الله عنها فَقَد كَذَّب صَرِيحَ
القُرآنِ الَّذِي نَزَل بحَقِّهَا، وَهُوَ بذَلِك كَافِرٌ بَعدَ أَن بَرَّأَهَا
اللهُ مِنهُ في قَولِهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ
الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ﴾ إِلَى
قَولِه: ﴿
يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم
مُّؤْمِنِين﴾ [النور:17
ـ 11]([32]).
أَمَّا إِن
كَانَ السَّبُّ بغَير القَذفِ لِعَائِشَة رضي الله عنها أَو غَيرِهَا مِن أُمَّهاتِ
المُؤمِنِينَ؛ فَالسَّابُّ يُؤَدَّب، فَفَرْقٌ بَين القَذفِ وبَينَ السَّبِّ بغَير
القَذفِ، وَهُو مَا يُؤخَذ مِن كَلام عَامَّة الفُقَهاء، وَإِن لم يُصرِّحُوا
بذَلِك([33]).
قال
القَاضِي عِيَاضٌ المَالِكيُّ رحمه الله (ت: 544هـ): رُوِيَ عَن مَالِكٍ: مَن سَبَّ
أَبَا بَكرٍ جُلِدَ، وَمَن سَبَّ عَائِشَةَ قُتِلَ، قِيلَ لَهُ: لِـمَ؟! قَالَ: مَن
رَمَاهَا فَقَد خَالَفَ القُرآنَ.
وذَكَرَ
تَعَالَى مَا نَسَبَهُ المنافِقُونَ إِلَى عَائِشَة، فَقَالَ: ﴿وَلَوْلاَ
إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا
سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيم﴾، سَبَّح
نَفسَهُ في تَنزِيهِهَا([34]) مِنَ
السُّوءِ، كَمَا سَبَّحَ نَفسَهُ في تَبرِئَتِهِ مِنَ السُّوءِ، وَهَذَا يَشهَدُ
لِقَولِ مَالِكٍ في قَتلِ مَن سَبَّ عَائِشَة رضي الله عنها.
وَمَعنَى
هَذَا ـ وَاللهُ أَعلَمُ ـ أَنَّ اللهَ تَعَالَى لـمـََّا عَظَّم سَبَّهَا كَمَا
عَظَّم سَبَّه، وَكَانَ سَبُّها سَبًّا لِنَبيِّه صلى الله عليه وسلم، وَقَرَنَ
سبَّ نَبيِّه صلى الله عليه وسلم وَأَذَاهُ بأَذَاهُ تَعَالَى، وَكَانَ حُكمُ
مُؤذِيهِ تَعَالَى القَتلَ، [و] كَانَ مُؤذِي نَبيِّه كَذَلِك»([35]).
قال
القَاضِي أَبُو يَعلَى: «مَن قَذَف عَائِشَة بمَا بَرَّأَها اللهُ مِنهُ كَفَر بلا
خِلافٍ» ([36]).
قال شَيخُ
الإِسلام رحمه الله (ت: 728هـ): «وَقَد حَكَى الإِجمَاعَ عَلَى هَذَا غَيرُ
وَاحِدٍ، وَصرَّحَ غَيرُ وَاحِدٍ مِن الأَئِمَّةِ بهَذا الحُكمِ» ([37]).
وعَدَّدَ
الإِمامُ النَّوَوي رحمه الله (ت: 676هـ) فَوائِدَ حَدِيثِ الإِفك؛ فَذَكَر مِنهَا:
«بَرَاءَة عَائِشَة رضي الله عنها مِن الإِفكِ، وَهِي بَرَاءَةٌ قَطعِيَّةٌ بنصِّ
القُرآنِ العَزِيز، فَلَو تَشَكَّكَ فِيهَا إِنسَانٌ ـ وَالعِيَاذُ باللهِ ـ صَارَ
كَافِرًا مُرتَدًّا بإِجمَاعِ المُسلِمِين، قَال ابنُ عَبَّاسٍ وغَيرُه: لَمْ
تَزْنِ امرَأَةُ نَبيٍّ مِنَ الأَنبِيَاء ـ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيهِم
أَجمَعِين ـ، وَهَذَا إِكرَامٌ مِنَ اللهِ ـ تَعَالَى ـ لَهُم»([38]).
وقَال
الإِمَامُ ابنُ عُثَيمِين رحمه الله (ت: 1421هـ): «قَذفُ عَائِشَة رضي الله عنها
بمَا بَرَّأَهَا اللهُ مِنهُ كُفرٌ؛ لأَنَّهُ تَكذِيبٌ لِلقُرآنِ، وَفي قَذفِ
غَيرِهَا مِن أُمَّهَاتِ المُؤمِنِينَ قَولانِ لأَهلِ العِلمِ: أَصَحُّهُمَا
أَنَّهُ كُفرٌ؛ لأَنَّهُ قَدحٌ في النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَإِنَّ
الخَبيثَاتِ لِلخَبيثِينَ» ([39]).
وقَد
سَجَّلَ التَّارِيخُ قَتلَ مَن قَذَفَ عَائِشَة رضي الله عنها بمَا بَرَّأَهَا
اللهُ مِنهُ([40]):
قَالَ
أَبُو بَكرٍ بنُ زِيَاد النَّيسَابُورِي رحمه الله: سَمِعتُ القَاسِم بنَ محمَّدٍ
يَقُولُ لإِسمَاعِيلَ بنِ إِسحَاق: أُتِيَ المَأمُونُ بالرِّقَّة بِرَجُلَينِ؛
شَتَمَ أَحدُهُما فَاطِمَةَ، وَالآخَرُ عَائِشَةَ، فَأَمَر بقَتلِ الَّذِي شَتَم
فَاطِمَة، وَتَرَك الآخَر، قَالَ إِسمَاعِيلُ: مَا حُكمُهُمَا إِلاَّ أَن يُقتَلا؛
لأَنَّ الَّذِي شَتَم عَائِشَةَ رَدَّ القُرآنَ.
وَعَلَى
هَذَا مَضَت سِيرَةُ أَهلِ الفِقهِ وَالعِلمِ؛ مِن أَهلِ البَيتِ
وَغَيرِهِم.
قَال أَبُو
السَّائِب القَاضِي رحمه الله: كُنتُ يَومًا بحَضرَةِ الحَسَن بنِ زَيدٍ الدَّاعِي
بطَبَرِستَان، وَكَان يَلبَسُ الصُّوفَ، وَيَأمُر بالمَعرُوفِ وَيَنهَى عَن
المُنكَر، وَيُوجِّه في كُلِّ سَنَةٍ بعِشرِينَ أَلفِ دِينَارٍ إِلَى مَدِينَةِ
السَّلامِ؛ يُفَرَّقُ عَلَى سَائِرِ وَلَدِ الصَّحَابَة، وَكَانَ بحَضرَتِه رَجُلٌ
ذَكَر عَائِشَة بذِكرٍ قَبيحٍ مِنَ الفَاحِشَة، فَقَالَ: يَا غُلامُ! اِضرِبْ
عُنُقَه، فَقَالَ لَهُ العَلَوِيُّونَ: هَذَا رَجُلٌ مِن شِيعَتِنَا، فَقَال:
مَعَاذَ اللهِ، هَذَا رَجُلٌ طَعَن في النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ اللهُ
تَعَالَى: ﴿
الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ
لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا
يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيم﴾
[النور:26] ، فَإِن كَانَت عَائِشَة خَبيثَةً فَالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم
خَبيثٌ، فَهُو كَافِرٌ، فَاضرِبُوا عُنُقَه، فَضَرَبُوا عُنُقَه وَأَنَا
حَاضِر.
ورُوِيَ
عَن محمَّدِ بنِ زَيدٍ ـ أَخِي الحَسَن ابنِ زَيدٍ ـ أَنَّه قَدِمَ عَلَيهِ رَجُلٌ
مِنَ العِرَاق، فَذَكَر عَائِشَة بسُوءٍ، فَقَامَ إِلَيهِ بعَمُودٍ فَضَرَبَ بهِ
دِمَاغَهُ فَقَتَلَهُ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا مِن شِيعَتِنَا وَمِمَّن يَتَولاَّنَا،
فَقَال: هَذَا سَمَّى جَدِّي قَرْنَانَ([41])، وَمَن
سَمَّى جَدِّي قَرنَانَ استَحَقَّ القَتلَ، فَقَتَلَهُ.
فَالوَاجِبُ عَلَى
المُسلِم ـ بَعدَ هَذَا ـ أَن يَجعَلَ حُبَّ عَائِشَة رضي الله عنها نُصبَ
عَينَيهِ، فَإِنَّ حُبَّها دَلِيلٌ عَلَى حُبِّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ؛
فَقَد قَالَ لِفَاطِمَة رضي الله عنها: «أَيْ بُنَيَّة! أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا
أُحِبُّ؟!» قَالَت: بَلَى، قَالَ: «فأَحِبِّي هَذِهِ» ([42]).
وَليَحذَرِ
المُسلِمُ مِن رَوَاسِبِ الدَّولَةِ العُبَيدِيَّة الرَّافِضِيَّة؛ كَقَولِ
العَوَامِّ في وَصفِ المَرأَةِ المُتَرَجِّلَةِ: «عِيشَة رَاجَلْ»، أَو «يَومَ
العِيدِ نَذبَحُ عِيشَة وَسْعِيدْ»، وَغَيرُهَا كَثِيرٌ، مِمَّا فِيهِ رَائِحَةُ
الرَّفضِ، وَلَعَلَّ قَصَبَ السَّبقِ يَكُونُ لِمَن يُبَيِّن هَذِه البَقَايَا،
وَ﴿ذَلِكَ
فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء﴾
[الحديد:21].
وَالحَمدُ
للهِ أَوَّلا وَآخِرًا، وَالعِلمُ عِندَ اللهِ ».
([1])
رواه مسلم (3022).
[2]))
الجامع لأحكام القرآن (20/373).
[3]))
الحاكم (3857) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرِّجاه.
([4])
العقيدة الطَّحاويَّة (ص475 ـ ابن أبي العزِّ).
([5])
عقيدة ابن أبي زيد القيرواني (ص412 وما بعدها ـ شرح القاضي عبد
الوهَّاب).
[6]))
والسَّبُّ يَرجِع عَلَيهم؛ لأنَّ الصَّحابَة رضي
الله عنه
بُرَآءُ مِنه، وَلِذَا قِيل: إِنَّ
الرَّافِضِيَّ فَوَّارَةُ اللَّعنَةِ. [الدِّينُ الخالِص
(3/264)].
([7])
المقام لا يكفي لترجمتها، ولكن انظر: أُسْد الغابة (7/186)، الاستيعاب
(ص918)، الإصابة (8/139)، السِّير (2/135).
([8])
الجامع لأحكام القرآن (17/62).
([9])
كتاب الشَّريعة (4/119).
[10]))
السِّير (2/139).
([11]) انظر:
جلاء الأفهام (ص265)، وعقيدة أهل السُّنَّة والجماعة في
الصَّحابة الكرام رضي
الله عنهم
للدُّكتور ناصر بن علي الشَّيخ (1/426).
[12]))
البخاري (3657) ـ واللَّفظ له ـ، ومسلم (2384).
([13])
البخاري (3657) ـ واللَّفظ له ـ، ومسلم (2383).
[14]))
السِّير (2/142).
[15]))
البخاري (3774) ـ واللَّفظ له ـ، ومسلم (2443).
([16])
البخاري (3895)، مسلم (2438).
[17]))
الحاكم (4/91)، وصحَّحه العلاَّمة الألباني في الصحيحة
(2255) و(3011).
[18]))
علَّقه البخاري (3/489)، ووصله برقم
(4753).
[19]))
البخاري (5077).
[20])) أي:
يتقربون إلى النَّبيِّ صلى
الله عليه وسلم إذا
كان عندها.
[21]))
أي: أَزوَاج النَّبيِّ صلى
الله عليه وسلم،
وفي روايةِ مُسلِم: أَنَّهنَّ أَرسَلْنَ فَاطِمَة،
ثُمَّ زَينَب بنتَ جَحشٍ رضي
الله عنها.
[22]))
البخاري (3775)، والترمذي (3879 ـ مشهور).
[23]))
البخاري (3770)، ومسلم (2446).
([24])
جلاء الأفهام (ص263 ـ المجمع).
[25]))
البخاري (3768)، ومسلم (2447)، والتِّرمذي (3881).
([26])
البخاري (4786) تعليقًا، ومسلم (1475).
[27]))
أمَّا البركة الجسديَّة فهي خاصَّة بالنَّبيِّ صلى
الله عليه وسلم،
وانظر: التَّبرُّك المشرُوع والتَّبرُّك الممنُوع للعلياني.
[28])) أي
ضاعت.
[29]))
البخاري (3773)، ومسلم (367).
([30])
الترمذي (3883 ـ مشهور)، وصححه الإمام الألباني رحمه الله.
[31]))
كتاب الشَّريعة (4/119).
[32]))
الموسوعة الكويتية (22/185 ـ ردة)، و(33/22 ـ قذف).
[33]))
الموسوعة الكويتية (24/139ـ سبّ) باختِصار.
[34])) أي
عائشة رضي
الله عنها.
[35]))
الشِّفا في التَّعريف بحُقُوق المصطَفَى (ص878) بتصرُّفٍ
يَسِيرٍ.
[36]))
الصارم المسلول (3/1050).
[37]))
الصارم المسلول (3/1050).
([38]) شرح
مسلم (17/117).
([39])
تعليق مختصر على كتاب لمعة الاعتقاد (ص 82).
([40])
الصارم المسلول (3/1050).
([41]) هو الَّذي لا غيرة
له.
[42])) مسلم
(2442).
مرجانة الجنة- المراقبة العامة
- عدد المساهمات : 131
نقاط : 228
تاريخ التسجيل : 17/07/2011
العمر : 29
الموقع : ملوزة
رد: فضل ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها
اللهم ارضى عن زوجات نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم
امنا عائشة رضي الله عنها وارضاها مبرئة من رب العزة مبرئة من الجبار العزيز من سابع سماء فهي اشرف من الشرف واطهر من الطهر شاء من شاء وابى من ابى لو لا قدر الله ان احدا شتمها امامي لفصلت فكه العلوي عن السفلي واحتسبه لوجه الله تعالى.
جزاك الله خيرا اختي العزيزة.مرجانة الجنة .
**********
فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
http://d1.islamhouse.com/data/ar/ih_articles/chain/Khotabol_Haramain_eshrefain/ar_Virtues_of_Aisha.pdf
امنا عائشة رضي الله عنها وارضاها مبرئة من رب العزة مبرئة من الجبار العزيز من سابع سماء فهي اشرف من الشرف واطهر من الطهر شاء من شاء وابى من ابى لو لا قدر الله ان احدا شتمها امامي لفصلت فكه العلوي عن السفلي واحتسبه لوجه الله تعالى.
جزاك الله خيرا اختي العزيزة.مرجانة الجنة .
**********
فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
http://d1.islamhouse.com/data/ar/ih_articles/chain/Khotabol_Haramain_eshrefain/ar_Virtues_of_Aisha.pdf
AlgeriaB10- المدير
- عدد المساهمات : 292
نقاط : 621
تاريخ التسجيل : 21/07/2011
العمر : 37
رد: فضل ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها
بارك الله فيك اختاه
رغد- المراقبة العامة
- عدد المساهمات : 175
نقاط : 194
تاريخ التسجيل : 06/07/2011
العمر : 29
الموقع : ملوزة
رد: فضل ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها
شكرا لك على هذا الموضوع المفيد .
تقبلي مروري
تقبلي مروري
AMIRA- المراقبة العامة
- عدد المساهمات : 280
نقاط : 491
تاريخ التسجيل : 01/07/2011
العمر : 25
الموقع : **ملــــــــــوزة**
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الخميس 02 أبريل 2015, 23:23 من طرف AlgeriaB10
» كتاب رائع في فن التفصيل والخياطة
الخميس 25 ديسمبر 2014, 20:30 من طرف جمال عمر
» ♥●● مخدات رائعة بالابرة والخيط ●●♥
الخميس 16 يناير 2014, 16:44 من طرف salmaWS
» التطريز .....
الخميس 16 يناير 2014, 16:40 من طرف salmaWS
» رسمات للتطريز
الخميس 16 يناير 2014, 16:33 من طرف salmaWS
» مجموعة من الوسائد المطرزة رائعة
الخميس 16 يناير 2014, 16:24 من طرف salmaWS
» أحلى فساتين مطرزة لعيونكم
الخميس 16 يناير 2014, 16:21 من طرف salmaWS
» معانى الشهور والايام
الأربعاء 13 نوفمبر 2013, 18:39 من طرف طاب موس
» القرار المكين
الأحد 09 يونيو 2013, 22:16 من طرف fatma lyle
» أيها الغائبون عنا....( زاد شوقنا إليكم والله )
الأحد 09 يونيو 2013, 21:33 من طرف fatma lyle